مختبر السرديات الفلسطيني التابع لنادي الندوة الثقافي يعقد ندوة علمية حول: ملامح السرد في أدب الشباب/فلسطين.

الندوة العلمية (ملامح السرد في أدب الشباب الفلسطيني) 

عقد مختبر السرديات الفلسطيني التابع لنادي الندوة الثقافي ندوة علمية حول: ملامح السرد في أدب الشباب/فلسطين، ضمن سلسلة فعاليات مشروع السرد والمجتمع بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان للثقافة والفنون،  وبالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية احتفاءً بيوم الثقافة الوطني. 

بعد عقود طويلة من محاولات التنميط والحصر، وترسيخ أشكال للأدب أصبحت ضمن الثوابت بدون أي محتكم أدبي، ومحاكمة أي محاولات سردية جديدة واخضاعها لمعايير كلاسيكية،  نجد أن منتج الشباب الأدبي ما انفك يشق طريقه نحو الساحة الأدبية بكل ثقة واصرار، ضاربًا بعرض الحائط كل أشكال التجنيس والتنميط والرفض، حيث لازال المنتج الأدبي الشبابي يرفض كل محاولات الحصر، محلقًا بعيدًا عن سؤال العمر والهوية، ليبتكر تقنيات للنص ومضامين أخرى وأبعاد مختلفة، تطرح إشكاليات كبرى في الساحة الأدبية العالمية عمومًا والعربية خاصة. ويعود السبب في تسارع انتشار هذا الأدب نتيجة عدة عوامل أهمها عزوف الشباب عن أشكال السرد والأدب الكلاسيكي، وارتداد سوق النشر الذي تديره بعض الجماعات المنتفعة، ووسم الحركة النقدية الكلاسيكية لتلك الكتابات بكونها مسعورة مما أدى إلى شحنها.  لازالت الحركة الأدبية الشبابية تعيش في تخبط كبير، فمنذ الألفية الحديثة وحتى الآن لم يستقر لها شكلًا ولم تننضج بشكل كاف، وهذا لا يعود لضعف هذه الحركة وفقرها، بل بسبب محاولة حصارها وتنميطها، مما أدى لظهور رد فعل كان لها شكل الولوج نحو فضاءات أرحب وجديدة، كرد على الأدب التقليدي الكلاسيكي المستشري وحراس هيكله، وتطورت تلك الحركة في العقود الأخيرة نتيجة استفحال حركات الترجمة وتعدد فضاءات الأجناس الأدبية، لتنشأ حركة تنويع دخلت إلى الحيز الثقافي العربي من أوسع أبوابه، وهذا دفع بشكل كبير في نشوء حركة من الادباء الشباب الذين استطاعوا أن يمتلكوا مقومات نهضة سردية في الأدب العربي ككل والفلسطيني خاصة، من خلال البدء بإرساء لغة كونية لها وعي خاص لم ينتمي إلى القضايا الكبرى التي استشرت في الساحات الأدبية لعقود طويلة، بل نجد بدايات صياغة انتماء لقضايا أخرى، بدأت بدورها بوضع أساسيات لوعي شبابي جديد شديد الخصوصية، عَكَسَ متواليات من الجدليات المرتكزة على الأنا والآخر، إلى جانب تسليطه الضوء على البؤرة الداخلية للذات في ظل انعزالها عن الواقع، ليتم تسليط الضوء على قضية كبرى مهمة تمثلت في وجود انقسام مفجع للأنا ظهرت في رؤية السرد الحديثة، كما أن هذه الحركة الشبابية ابتعدت بهذا الوعي الحقيقي بالأدب عن الشعارات الرنانة واللافتات المنمطة وعبرت عن قلق وجودي انساني مستقل وحقيقي. ومن خلال تلك المحاولات السردية الحديثة أصبح لدى السرد العربي والفلسطيني خصوصًا مشهدًا لغويًا سرديًا وجماليًا وغير مكرر، بل جاء مبنيًا على تجارب بِكر، حاولت أن تثبت مدى أهميتها كخطاب مرسل من قبل مُنتج مُتأثر، إلى قارئ ومجتمع تشوبه الكثير من المشاكل والاشكاليات والتيه، وهذه الاشكاليات لم يخلو منها المنتج الأدبي الشبابي الجديد أيضًا، حيث ظهرت فيه محاولات تشويه وتوتر وانزياح للخطاب، نتيجة عدة عوامل أهمها ابتعاد النقاد عن التعامل مع هذا الادب لتقويمه، نتيجة رفض أشكال الحداثة، أو افتقار الناقد إلى أدوات للكشف عن أوجه الابداع داخل هذا الأدب، والاحتكام إلى السرديات التقليدية كمعيار أساسي، ومن أبرز ما يواجه هذا الأدب من اشكاليات أخرى  هو بروز العديد من المُضمَرات الخطابية التصادمية أو الانزياح الايدلوجي تحت قشرة النص، أو محاولة ترهيل اللغة وفق عدة أشكال ومستويات يصعب حصرها هنا. الآن أصبح من المهم جدًا الاذعان إلى هذا المنتج الشبابي لأهمية ما يحمله من بنى خطابية وسردية وابداعية تتمثل الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمنطقة العربية ككل، كما انه من أهم المنتجات الحداثية التي جاءت كرد فعل على كساد الانتاج الادبي العربي ونمطيته لعقود. من خلال هذه الندوة العملية سنحاول مع الأساتذة المتحدثين سبر أغوار هذه التجربة الأدبية عند الشباب الفلسطيني من خلال استقراء عينة أدبية لمجموعة من أبرز المنتجين في هذا المجال سواء في القصة القصيرة أو الرواية باعتبارها الفضاءات الأرحب للبوح، في محاولة من مختبر السرديات الفلسطيني تتبع سيرورة تطور هذه الحركة الابداعية في فلسطين بأدوات معرفية منهجية من أجل تسليط الضوء عليها ومواكبة هذه الحركة لمعرفة أهم تجلياتها وأبرز مشاكلها. 

احتوت الندوة على أربعة محاور أساسية تناول في أ.تحسين يقين في المحور الأول  (الاتجاهات الفنية في السرد لدى الروائيات الفلسطينيات الشابات)، حيث قدم في هذا السياق أهم التجليات الفنية التي استطاعت الأديبات الشابات من خلالها التعامل مع سردياتهن الأدبية ضمن السياق الفكري والاجتماعي المحمول داخل النص.

 الأستاذ تحسين ياقين: باحث وناقد فلسطيني حاصل على ليسانس آداب من جامعة طنطا- مصر، وعمل محررًا ثقافيًا في العديد من المجلات والصحف، أسس الملحق الثقافي في جريدة الحياة الجديدة، وهو ناقد فني في شتى المجالات والمهرجانات أهمها المسرح.

أما بالنسبة للمحور الثاني الذي حمل عنوان ال(بروكسيميا القص المعاصر) طرحت الباحثة ميادة الصعيدي فيه  أبرز ملامح ذاكرة المكان في السرديات القصصية المعاصرة في الأدب الفلسطيني وأهم تجلياتها وأشكالها.

د.ميادة الصعيدي: ناقدة وباحثة من غزة حاصلة على درجة الماستر في الأدب، متخصّصة بالدراسات النّقديّة المعاصرة، باحثة دكتوراه في الأدب والنقد في دولة السودان،  نشر لها العديد من الدراسات النقديّة في مجلّاتٍ محكّمة وغير محكّمة. وصدر لها كتاب: "الشعر النّسويّ الفلسطينيّ المعاصر اتّجاهاته الموضوعيّة والفنّيّة" وكتاب آخر بعنوان: "شعريّة القصّ في تجربة جعفر العقيلي القصصيّة" بدعم من وزارة الثقافة الأردنيّة. 


أما بالنسبة للمحور الثالث المعنون ب (السرد المتكئ على الميتافيزيقيا لاستنطاق الكينونة تأملات في القصة القصيرة جدًا: السيد أزرق في السينما وجريمة نصف زرقاء انموذجًا) قدمت فيه الباحثة وفاء ابريوش ح سمات من المهم الحديث عنها داخل القصة القصيرة جدًا، كأهم سمات السرديات الحديثة التي اشتغل عليها الشباب أكثر من غيرهم.

الكاتبة وفاء ابريوش: كاتبة وباحثة في المجال الثقافي، عضو مجلس بلدي ومختصة في شؤون المرأة والدراسات النسوية، صدر لها كتاب بعنوان: ( برد دافئ) والعديد من الأبحاث في المجال الثقافي والنقد الادبي.

أما بالنسبة للمحور الأخير الذي يحمل اسم (التحولات السوسيولوجية في رواية الشباب)، صرح فيه الباحث أحمد الحرباوي أهم التحولات الاجتماعية التي طرحتها رواية الشباب وأبرز الاشكاليات السوسيولوجية وأبعادها داخل النص الروائي.

أحمد الحرباوي: روائي وباحث دكتوراة في جامعة تونس مختص بسوسيولوجيا الرواية ، صدر له العديد من المقالات والأبحاث المحكمة في النقد والانثربولوجيا الثقافية.